من وهران الجزائرية التي بدأ فيها مسيرته الفنية مبكرا جدا، جاب صيت الشاب خالد أقصى ربوع العالم، حاملا لقب “ملك الراي”، بسبب النجاحات المتواصلة لألبوماته لأزيد من أربعين سنة. وهو أحد مجددي الراي الذين زاوجوا بين إرث شيوخ هذا الفن التراثي واستخدام الإيقاعات والآلات الموسيقية العصرية.
الميلاد والنشأة
ولد خالد حاج إبراهيم (الشاب خالد) يوم 29 فبراير/شباط 1960 في حي سيدي الهواري الشهير بمدينة وهران، شمال غرب الجزائر، وثاني أهم مدنها بعد العاصمة، لكن أصول والديه تعود الى قبيلة البراهمة في قرية عين إبراهيم بولاية مستغانم.
نشأ في كنف أسرة متواضعة الحال يعمل ربها موظفا بسيطا، وبرزت ميوله الموسيقية مبكرا جدا في طفولته، وكان يتعرض لعقاب والده الذي رفض هذا التوجه حرصا على مساره التعليمي الذي انتهى مبكرا. هذا مع أن عم خالد كان يشكل استثناء في الأسرة بعزفه على الأكورديون. طُرد الفتى خالد من المدرسة في سن 14 نتيجة غيابه المتكرر.
التجربة الفنية
دون علم والده، كان خَالد قد ولج مبكرا مجال الغناء والموسيقى من خلال المشاركة في إحياء الأعراس في وهران. ومارس بالموازاة مهنا صغيرة متعددة لربح بعض المال، نادل مقهى، إسكافي.
كان متأثرا بأغاني الرواد من أمثال أحمد وهبي والبلاوي الهواري، أحد الشيوخ المجددين للأغنية الوهرانية، كما أنصت لرواد الأغنية المغربية العصرية آنذاك التي كانت متداولة على نطاق واسع بالجزائر. وأبدى أيضا اهتماما بأعمال المغني الفرنسي جوني هاليداي ونجم الروك الأميركي إيلفيس بريسلي.
وفي 1974، أسس خالد فرقته الأولى “خمسة نجوم”، على غرار فرقة “جاكسون فايف” الأميركية. وهو في العشرينات من العمر، بدت النزعة التجديدية القوية لخالد في الاشتغال على أغاني فن الراي، من خلال إلباس النصوص والألحان التراثية للشيوخ، حلة ايقاعية جديدة ومضامين جريئة أكثر قربا من الشباب. وهكذا كان سباقا إلى إدخال الآلات الغربية في هذا الفن من قبيل الغيثار الكهربائي والأورغ.
بدأت شهرة خالد في الجزائر بأغنية “طريق الليسي” (طريق الثانوية) التي حققت انتشارا واسعا بين الشباب، لكنه حقق شهرة عالمية بأغنية “دي دي” التي صدرت ضمن البوم بعنوان “خالد” سنة 1992، فقد طافت أرجاء العالم، واحتلت صدارة قوائم ترتيب الأغاني في عدة بلدان.
وتوالت الألبومات الناجحة مع “نسي نسي” عام 1993، و”صحرا” عام 1996 الذي تعاون فيه مع المؤلف الموسيقي المعروف جون جاك غولدمان، خصوصا في أغنية “عايشة”.
غنى خالد دويتو مع الفنان العالمي كارلوس سانتانا في سان فرانسيسكو سنة 2006. وعربيا، قدم ثنائيا مع الفنانة اللبنانية ديانا حداد، وأحيى حفلة مشتركة مع النجم المصري محمد منير. وفي عام 2009 أصدر ألبوم (liberté) (الحرية) الذي حقق مبيعات تجاوزت ثلاثة ملاين نسخة في أقل من شهر.
ومن أقوى نجاحاته أغنية “هي الحياة” (c’est la vie) ضمن ألبوم جمعه سنة 2012 مع الموزع والمنتج المغربي نادر خياط (ريدوان)، وحققت الأغنية المراكز الأولى في أوروبا وأميركا وكندا. كما قدم ثنائيا مع المغني العالمي بيتبول.
اختير الشاب خالد سفيرا للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2003. كما حظي بالمشاركة في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم بجنوب أفريقيا في 11 يونيو/حزيران 2010، حيث غنى أغنيته “دي دي”.
على أن هذه النجاحات الفنية شابتها بعض المشاكل والعثرات العائلية والفنية التي أثرت نسبيا على صورة هذا الفنان. ففي 1997، رفعت زوجته دعوى قضائية تتهمه بممارسة عنف زوجي عليها، وفي أبريل/نيسان 2015، قضت محكمة باريس بتغريم الشاب خالد مبالغ كبيرة بتهمة سرقة موسيقى أغنية “دي دي” من الشاب رابح، فنان الراي الجزائري.
وفضلا عن جنسيتيه الجزائرية والفرنسية، حصل الشاب خالد على الجنسية المغربية، علما أنه دائم التردد على المغرب لإحياء حفلاته كما انه يرتبط بعلاقة صداقة مع العاهل المغربي محمد السادس.
الجوائز والأوسمة
حصل الشاب خالد على تقديرات وجوائز كثيرة عبر مسيرته الحافلة، من أهمها جائزة أحسن أغنيه في فرنسا (يا الشابة) عام 1989 وجائزة توب 50 (أم تي في ) بالولايات المتحدة سنة 1992، وجائزة “سيزار” الفرنسية لأحسن أغنية عام 1994 عن “1, 2, 3 soleil”.
وفاز عام 2000 بجائزة الموسيقى العالمية لأفضل مطرب في الشرق الأوسط.